فن الكاريكاتور قبل و بعد الثورة السورية

فن الكاريكاتور قبل و بعد الثورة السورية    يقال : ” الفن يزيل عن الروح غبار الحياة اليومية ” لكن، ماذا إذا تحوّل هذا الغبار إلى عواصف...

فن الكاريكاتور قبل و بعد الثورة السورية 

 

يقال : ” الفن يزيل عن الروح غبار الحياة اليومية ”
لكن، ماذا إذا تحوّل هذا الغبار إلى عواصف هوجاء .؟!
هل يكفينا الهروب إلى ملاجئ الخيال .؟!!
ربما كانت اللوحات المدثّرة بالألوان بوابةً للهرب من الواقع لكنها ليست حلاً ..
أسمعتم يوماً بمقولة كيركغارد : ( مثلما تبتدئ الفلسفة بالشك ، كذلك تبتدئ الحياة الكريمة تلك التي نصفها بالإنسانية ، بالسخرية )
وهل هناك أكثر احترافاً من فن الكاريكاتير في السخرية .؟!!
الكاريكاتير من الفنون التي لا تستطيع العيش في واقع سليم 100% ، حيث أنه يعتاش على النقد ، ويختص بالجانب المظلم من المجتمع ، لذلك فالحالة المأساوية ، والمجتمعات المبتلية بالأنظمة الديكتاتورية هي بيئة صالحة لازدهار الكاريكاتير وتطوره من الناحية البصرية والفكرية ..
وبما أن دور الكاريكاتير والفن بشكل عام ،هو إحداث تحوّل فكري لدى الجمهور ، فقد أحدثت لوحات الكاريكاتير طفرة نوعية في المضامين والمواضيع التي يتناولها الفنان بريشته ..
ويبدو جلياً أن الربيع العربي كان تلك الشرارة التي أشعلت فتيل سيل جارف من القنابل الكاريكاتيرية الساخرة .. حيث أن الثورات العربية وعلى سبيل التخصيص الثورة السورية ، كسرت قيود الأقلام وحررت ريش الفنانين من استعباد دام طويلاً ..
قبل الثورة كان الكاريكاتير فناً كلاسيكياً محصوراً في التعبير عن الصراع (العربي – الإسرائيلي) إضافة إلى النقد الناعم للفساد الإداري والمالي في مؤسسات الدولة ..
لكن لم يعد التعبير عن أحوال البلد وآلامه رمزياً ، ولم يبقَ هناك من محرمات أيضاً ، حُطّمت الكثير من التابوهات في المجتمع ، تجاوز الكثير من الخطوط الحُمر التي كان يتلاعب عليها في السابق من خلال الترميز والتعميم ، بات كلّ شيء يعرض مباشرة دونما إيحاءات ، هو ذا حال لوحة الكاريكاتير السورية التي خرجت من عباءة الثورة السورية ، اقتنصها فنانو الثورة لإسقاط النظام ورموزه ..
الكاريكاتير من بين الفنون الأسرع استجابة لنبض الثورة السورية والسلاح الأول الذي رفعه المتظاهرون العزّل في وجه الآلة العسكرية لنظام الأسد ..
هذا السلاح الذي أسقط الكنيسة في أوروبا خلال القرون الوسطى ، أحرج أكثر الطغاة بطشاً في التاريخ كـ نابليون بونابرت ، وأدولف هتلر .. لم يكن قاصراً عن هزّ عروش السلطة في دمشق .. الأمر الذي دفع النظام إلى التنكيل برسامي الكاريكاتير ، من اعتداءات بالضرب مثل الفنان علي فرزات ، واعتقال أكرم رسلان ويوسف عبدلكي .. وغيرهم من الفنانين الذين أعلنوا تأييدهم ل
لثورة ووقفوا بريشتهم إلى جانب الشعب ..
اخترقت الثورة الحصانة الكاريكاتيرية التي كان ينعم بها الحاكم وأعوانه وحاشيته ؛ وفتحت أفاقاً جديدة أمام رسام الكاريكاتير، فقد برزت مواضيع كثيرة لم تكن متداولة في الكاريكاتير السوري مثل التطرف الديني ، الطائفية ، معاناة اللاجئين ..
نعم ، استطاعت الرسومات الكاريكاتيرية ببساطتها وسهولتها الممتنعة أن تكون منبراً بارزاً لتفضح الممارسات اللاإنسانية لأنظمة الحكم الإستبدادية ، وتلفت أنظار العالم إلى المعاناة والمرارة التي يتعرض لها الشعب وكشفت أوراق الخيانة لأنظمة لم تأتِ عبر انتخابات ديمقراطية ..
في النهاية ، أتظنون أنه يمكن أن تكون هناك ثورة سلميّة مطلقة ..؟!
إنني أكاد أجزم باستحالتها .. فلكلٍ سلاحه ، وسلاح فناني ثورتنا ريشةٌ كان مفعولها أكثر دوياً من آلياتٍ ومدافع ..!!

عن المنتدى الفكري السوري:  
http://syriantf.com/blog/2015/03/16/%D9%81%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%B1-%D9%82%D8%A8%D9%84-%D9%88-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9/

 

رابط

مقالات 3228038632593557262

Post a Comment

تابعنا

الاكثر مشاهدة

الأخيرة

تواصل اجتماعي

  • تابعنا في الفيسبوك

    للاعلان معنا

    المساهمة

    للمشاركة معنا نرجو مراسلتنا عبر بريدنا الالكتروني التالي: [email protected]

    ادعمنا

    item